مُذنب .

قياسي

يُناجي ..
قمر ليلة متمردة ..
داعبٌ أوراق البرتقال المنكسرٌ ..
وحدهٌ ..
تناسيٌ الخديعة ..
أستفرد بالمرارة وتشربها دفعة واحدة ..
أمامٌ صنمٌ الكبرياء ..
سجدٌ ..
كفرٌ ما بعدٌ كفرُ ..
غاص في الملكوت السفليُ ..
مُردداُ طوبيٌ للمنسينٌ ..
أخذ يتلو صلوات تلو صلوات ..
ولم يعدُ يجدي في الزاهدٌ تعبداً …
روح ..
تطوف وحدها غياهب جهنمُ ..
تستمع بذنوب لم تقترفها ..
خلود ..
قُبالة الصراط يترنحُ ..
وأمام الفردوس يرقص ..
ركوع ..
خضوع وأمتنان ُ..
وقُبلة شيطان ..
سوداء .. حمراء ..
خضراء ..
أنها الجنةُ ..

الطالب ذو القميص الأزرق .

قياسي

ذات ليلة في قرية بعيدة كانت والدتهُ علي فراش الموت تتنظر أن يوافيها أجلها وبروح يائسة صرختُ تُنادي لأخته الكُبري ، وعندما أتتها أوصتها بأن تعتني به جيداً ، و أن لا تتركه يواجه هذا العالم وحده ، وكذلك وهو الأهم أن يُكمل تعليمه الأبتدائي إلي أن يصل مرحلة تدفع به أن يكون أحد طلاب كلية الطب في المدينة .

توفيت والدتهُ وعلي هذا الأساس شرعت الأختٌ الكبري في الأعتناء به و الحرص كل الحرص كل توفير ما يحتاج ، قد أخدت تبيع الحطب ، تحيكُ أوشحة الصوف لنساء القرية ، وتغزلهُ لتجعل منه جرداً يليق بأكبارها من الرجال .

وفي أحدي الأمسيات دخل عليها عائداً من المدرسة وفي يديه الصحيفة التي تحمل نتيجته الدراسية في المرحلة الثانوية أو بالأحري نتيجتها هيٌ . حينها رأت تلك الكلمة إلي جانب التقدير العام ” ممتاز ” لم يمنعها هذا من ” زغروته متواضعة ” تُعزي فيها تلك الصباحات التي كانت تستقيظ فيها مبكراً تجهز قمميصه الأزرق و أفطاره المتمثل في سندويش من الخبز البائت من الليلة الفاتئة و البيض المقلي ، تجمرهت حولها فتيات القرية علي أعتقد أن شقيقته قد تقدم لها أحد شباب القرية . ردت نافيةً قائلة لهنٌ : ما فعله شقيقي اليوم يُغنيني عن رجال العالم كلهم ٌ- هذه حواء عندما تُبالغ في الفرح .

كان قد حل ٌالظلام و السكون خارجاً – عاد هو إلي البيت وكانت هي في انتظاره بعد أن انصرفت النسوة من البيت يهنئنها ويباركن لها تفوق أخيها ، جلس مقابلاً لها قائلاً : كان يوماً رائعاً ، أخذ يحدثها عن كمٌ التهاني التي تحصل عليها عند خروجه من المسجد ، وكيف أن جاره مستعد أن يذهب معه إلي المدينة ليقوم بتسجيله في الكلية ، وهو أيضاَ علي أستعداد أن يوفر له سكناً لائق إلي حين تخرجه منها . كان هذا كله ُ كفيلاُ بإن يجعلها تضمهُ وبشدة . وحين تركته رددت قائلة ٌ : لو أنها كانت بيننا .. لو أنها هٌنا !! .

التعليم أولاً .

قياسي

في هذا الوقت تحديداً لا يزال يأمكاننا  أن ندرك أهمية التعليم بجميع مستوياته فمنذ الوجود البشري كان التعليم هو سرٌ نهوض المجتمعات البدائية  ، ودخولها ركب الحضارة والتقدم و أساساً تبني عليه حجر الأساس في عملية نهوضها  ، وفي كل جيل كانت هناك ثقافة وقيم وتقاليد وأخلاق يختلف نمطها بوجود تعليم جيد أو عدمه .

من هُنا أنبثقت تلكمٌ الشرارة التي جعلت من التعليم أبراز قضايا المجتمع الذي يطمح أن يكون حداثياً بالمعني العام للكلمة ، مجتمعاً يطمح أن يستثمر في المعرفة و العقول و لأجل الخروج بمخرجات تجعل منه كياناً متسمكاً و قوياً بعيداً كل البعد عن غياهب الجهل والتطرف .

بأي حال من الأحوال يمكننا أن نشيد بدور تلك المعاهدات والأتفاقيات التي جعلت من التعليم حقاً أساسياً للفرد لا يمكن المساومة عليه ولا التفريط فيه ، ومن أبرزها ” صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948″ و ” أتفاقية الأمم المتحدة حول لحقوق الطفل ” . لكن لطالما كان عامل التنفيذ والتطبيق علي أرض الواقع من خلال رؤي ومشاريع واضحة يبرز عن حجم النزاهة والعدالة أو التناقض والفساد التي تتمتع به أي قيادة أو سلطة تردد شعارات حقوق الأنسان والتعليم وبناء الأنسان . وعلي عكس ما يحدث حالياً فضمنياً الحق في التعليم كان ولا يزال ويجب ان يظل مرتبط بكونه تعليماً مجانياً تدعمهُ الدولة والحكومة . واعتباره علي درجة واحدة من معايير الحق في الصحة و السكن و المشاركة في الحياة الثقافية أو الحق في مستوى معيشي لائق . هذا هو المأمول .

هذا الحق يجب أن يكون مدعوماً بشكل أساسي من كل القيادات و النشطاء والمختصين في مجال التربية وأعضاء مؤسسات المجتمع المدني و عمداء الكليات من خلال طرحهم لأفكارهم ذات الصلة بالموضوع عبر منابرهم الخاصة و ووسائل التواصل الأجتماعي وحسبنا أن يقوم كل واحد منا بدوره وحتماً سنصل إلي مُحصلة نهائياً تتجسد في قرارت ربما تكون هي البذرة في صُنع تعليم ذو جودة أفضل داخل هذا الوطن الحبيب .

 

 

 

 

 

 

يهتفون لمنٌ ؟!!

قياسي

سمعتُهم يهتفون خارجاً يطالبون بأشياء لمٌ أفهمها قطٌ ، بأصوات تملأ سماءٌ المدينة التي لطالما رقصٌ الموتُ في ضواحيهاٌ ..
عبر الساحاتٌ رفعتْ شعارتٌ أوحت لي من النظرة الأولي بمعاناة تجترُ ما في جوفٌ الماضي من مآسي …
سيماهم في وجوههم !!
من المُجحف حقاً ألا أشاركهم تلك الهتافاتٌ وأنا أري فيهم جزءاً مني لا أره في نفسي عادةً ..
تالياً شعرتُ بقشعريرة غريبة كانتْ أشبٌه بنسيمْ يُداعب أرجاء روحي وفكري ..
وأي كأني أري الوجود من زواية لم أعتد أن أراهُ منها …
وأي كأني أبصرتُ من جديدْ …
رُفع الستار عن هذا الواقع المُشوه ..
تداخلت المُسمياتٌ …
تغير الأشخاص … تجددت المواقف وأن تناقضتٌ …
يالهذا الكم المُفزع من الدماء التي سالتْ لأجل أنٌ تُصبح هذه الهتافات آمالاً تتجسد صروحاً نفتخر بها …
وعزاءنا الوحيد كان في الأفتخار بالدماء بدل الصروح .
يحنو ذاك القلب إلي لقاء أخير .
أتمناه وأن كان الوقت مبكراً علي قدوم “بابا نويل” …
أيجدر بي مُواصلة المسيرْ ….
لن أتخلي عن أمنيتي الأخيرة ….
أكتمل المشهد بقذيفة مرتٌ كأنها نزوة عابرة ً …
ولا يزال عقلي تائهاً أذا كان ما يحدث الآن هو حقيقة نعيشها .